### شجاعة وتضحية المجاهد رحيل بوحوة الحبوني: قصة من تاريخ النضال الليبي
رحيل بوحوة الحبوني بطل تحدى الطليان وخلدته ذاكرة النضال الليبي |
في تاريخ ليبيا المعاصر، تُعدُّ فترة الكفاح ضد الاستعمار الإيطالي واحدة من الفصول الأكثر شجاعة وملحمية. بين هؤلاء الأبطال الذين ناضلوا وضحوا بحياتهم من أجل حرية وطنهم، يبرز اسم المجاهد رحيل بوحوة الحبوني، الذي جسّد بتضحياته وشجاعته معنى المقاومة الحقيقية ضد الاحتلال.
#### استشهاد يوسف بورحيل المسماري
بدأت القصة عندما دارت معركة شرسة قرب منطقة أم ركبة، استشهد فيها المجاهد الكبير يوسف بورحيل المسماري. بورحيل، الذي تولى قيادة المقاومة الليبية بعد استشهاد عمر المختار، كان شخصية بارزة في مرحلة الجهاد ضد الإيطاليين. بعد استشهاده، قام الطليان بقطع رأسه ونقله إلى جريسياني للتأكد من موته، في محاولة منهم لبث الرعب وإضعاف روح المقاومة بين الليبيين.
#### دفن يوسف بورحيل على يد رحيل بوحوة
في خطوة جريئة تعبر عن مدى إيمان المجاهدين بقضيتهم، قام رحيل بوحوة الحبوني بدفن جسد يوسف بورحيل المسماري رغم التهديدات والمخاطر التي كانت تحيط به. لم يعبأ رحيل بوجود الدوريات الإيطالية التي كانت تمشط المنطقة، وقرر إتمام هذا الواجب الأخلاقي تجاه قائده وزميله في الكفاح. هذه الخطوة الجريئة أظهرت شجاعة منقطعة النظير وإصرارًا على تكريم رفاق النضال حتى في أصعب الظروف.
#### إنقاذ أهالي النجع
لم تتوقف شجاعة رحيل بوحوة عند هذا الحد، بل أكرمه الله بالنجاة مرة أخرى عندما علم بخطة الطليان لمداهمة أحد النجوع ونقل سكانه إلى معتقل العقيلة. بادر رحيل فورًا إلى إبلاغ أهالي النجع الذين تمكنوا من الهروب قبل وصول القوات الإيطالية. وعندما وصلت القوات، لم تجد سوى بيوت عربية من الشعر، قاموا بحرقها جميعًا بما فيها من محتويات، بما في ذلك عنز كانت مربوطة داخل أحد هذه البيوت.
#### القبض والمحاكمة
بعدما وصل للطليان أن رحيل بوحوة هو من أخبر الأهالي بالمداهمة، تم القبض عليه ونصبوا له مشنقة في منطقة البردي. في محاكمته، أنكر رحيل التهم الموجهة إليه بذكاء وشجاعة، وأخبرهم أنه كان في ضيافة الممرض جبريل بوالزراع. عندما استُدعي جبريل وأكد أنه استضاف رحيل لمدة ثلاثة أيام، تم إطلاق سراحه ونجا بإعجوبة من الإعدام.
#### وفاة رحيل بوحوة
واصل رحيل بوحوة الحبوني حياته بعد هذه التجارب البطولية حتى وفاته في حادث سير عام 1963. رحيله كان خسارة كبيرة لليبيا، لكن قصته تبقى رمزًا للإقدام والتضحية في سبيل الوطن. سيرته تُعدُّ مصدر إلهام للأجيال القادمة وتذكيرًا بقيمة الشجاعة والإخلاص.
#### خاتمة
إن قصة المجاهد رحيل بوحوة الحبوني هي واحدة من العديد من القصص التي تشهد على شجاعة الليبيين في مواجهة الاستعمار. تضحيته وشجاعته تُعبران عن الروح الوطنية الحقيقية التي لا تعرف الخوف ولا الاستسلام. إن هذه القصص البطولية تظل محفورة في ذاكرة الأمة الليبية، تذكرنا دائمًا بأن الحرية تُنتزع بالنضال والتضحيات العظيمة. رحم الله رحيل بوحوة الحبوني وكل أبطال ليبيا الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن.
إرسال تعليق