U3F1ZWV6ZTEyMzY3Mjg0NTUyNzA0X0ZyZWU3ODAyMzUyNTA1NDEx

معلومات و قصة حياة الشاعر الليبي عبد الكافي محمد الجالي

ها هو عبد الكافي محمد الجالي - ملك الليل - مسجى على فراش المرض ، لا يعي بما يدور من حوله كأنه ما شغل الناس و لا أقام دنُيا الغناء و أقعدها ،
معلومات و قصة حياة الشاعر الليبي عبد الكافي محمد الجالي

 ما صدح فى ليالي أفراحنا الشعبيه و لا ألهب أكفنا بشتاويه الساحره و قاد أسماعنا بغناويه الرائعه نحو عالم البهجه .

عبد الكافي ذلك العملاق الذي كان يتولى بِإقتدار خارق أشعة الفرح النبيل أماسينا البريئه ، و يحيل سويعاتها إلى مهرجان أسطوري مطرزه أطرافه بالود و الألفه .

عامل بسيط بمشروع غوط السلطان لم يدخل فى حياته مدرسه ، و لم يتلق علماً و ما ورث مالاً و لا جاهاً ، و لا أبصرت عيناه النور في أحد - نجوع الأبيار - و هام على شعره في هضابها التي رددت أغانيه المدهشه و هو يقتفي آثر ذلك القطيع الهزيل الذي كان يجوب به تلك المنحدرات المعشوشبه ، ليس له من مؤنس سوى تلك الترانيم التي كان يودعها تلك المرتفعات و السهوب الصامته .

لكن عام 1970م كان محطة هامه فى حياته ، حين قادته أذناه مصادفه إلى عرس شعبي بمنطقة سلوق ، فأقتحم صفوف المغنيين ليدلي بشهادته على جمال صوته و نبوغه في هذا الفن الشعبي الذي كان حكراً على أصوات معروفه ، و مُنذ تلك الصدفه الرائعه أصبح عبد الكافي نكهة كل عرس ، و أيقونة كل حلقه من حلقات السمر ، صحبة أساطين الفن الشعبي من أمثال ( عمر العوامي – محمد البزاري – سليمان سعد الشريمه - علي طاهر حواء – عبد الله عبد الواحد أردانو – عثمان ميلاد ) ثم شكل فيما بعد منتخباً يضم أشهر غناية العلم و الشتايه أمثال (  عبد الحميد السعيطي الدولاج - يوسف طاهر - إدريس الصافي – مرعي بو فرنه - جمعه العقوري – عوض حامد - و غيرهم من حملة اللواء ) فكانت جوقه شعبيه تزدان بها الليالي و الأفراح الشعبيه .

لكن عبد الكافي كان بحق فارس تلك الليالي البهيه و قائد مجاميعها بلا منازع - بصوته القوي الجميل الذى كان يفوق مكبرات الصوت و ( عربه ) الساحره و كلماته المؤثره .

و لعل المجال هنا لا يتسع لسرد ما كان يدور فى تلك الأعراس الشعبيه و كيفية زرع الشتاوه و ردمها و أختيار موضوعها ، لهذا أستحق عبد الكافي وحده لقب ( الكاتربيل ) لأنه كان يكتسح كل العوائق و المرتفعات الشعريه التي كانت تعترض سبيله .

حاضر الذهن كان - سريع البديهة كان ، لا تستعصي عليه القوافي و لا الكلمات فتنثال أمامه كأنه يقرأها غيباً ، فقد كانت له إلى جانب الموهبه الفذه قدرة على ترجمة بعض الأغانى المعروفه إلى غناوي علم ، فأصبحت فيما بعد عند عشاق الأدب الشعبي أشهر من الأغاني الأصيلة التي عارضها .. !

فإن كانت أم كلثوم تقول في أحد أغانيها ( إن مر يوم من غير رؤياك ما ينحسبشي من عمري ) فإن عبد الكافي يترجم ذلك في قوله :

إن مر يوم مانك فيه ، مِـ العمر يا علم ما ينحسب .. !

أو رده الظريف على المطربة السعوديه "عتاب " في أغنيتها ( ودانا ) حيث يقول :

في بعده وِ في دنواه ، عزيز واه وِادانا علي .. !

و ثمة من يقول أن عبد الكافي و خلال ثلاثين عاما لم يكرر غناوة أو شتاوة قالها قط إلا مرة واحدة ، و ذلك عندما أقسم عليه أحد أصدقائه فأعاد .

و لم يعرف عنه إنه تقاعس عن تلبية دعوة فرح في حياته ، فكان عفيفا لم يتقاض درهما خلال مشاركته الناس أعراسهم .

لكن ثمة حدث آخر كان ينسجه القدر ، كان ذلك في أحد أيام شهر التمور من عام 2000 ، فـفي منطقة ( بطه ) حين كان قادما من زيارة صديق مريض ، فتعرض لحادث سير نقل على آثره لمستشفى الجلاء بنغازي .

سمع عشاق فنه الخبر ، فأتوه من كل صوب يطمئنون عليه ، و أزدحم المشفى ، و ضاقت بهم ردهاته مما أضطر إدارته للإستعانة بالشرطه لتفريقهم ، لكن الجموع الغفيره لم تتفرق ، بل خيمت أمام المستشفى لثلاثة أيام مستفسره عن حالته ، و لسان حالهم يقول :

صاحب صوب خليل أمطوح ، غير نفس يمشى و يروح .. !

اللي كان إيطرب فــ العين ، قعد ما بين السنادين .. !

أم أحدهم فقد أرتكن ركنا غير بعيد و عيناه مغرورقتان بالدموع ، و ينتحب في أسى صام :

يا ريت العزيز إيجيب ، العلم مِـ اللي فيه إيساولوا .. !

و أطبق عبد الكافي الساحر شفتيه ، و بقى مترجم العواطف فى الحجره رقم 6 بقسم جراحة الأعصاب عشرين يوما ، نقل بعدها إلى العاصمة الأردنية عمان ، و هناك أستغرب أحد الأطباء ذلك الزحام الشديد في حجرة عبد الكافي ، فسأل أحدهم عن منصب هذا الرجل فأجابه بإنه مترجم  ، مترجم فقط .. ؟
إلتفت بها الطبيب فأجابه الصديق : نعم يا سيدى - إنه مترجم عواطف .

و يقول أحد أصدقائه أن آخر أغانيه كانت :

ليام لاطات معاي ، ما من شقا جايباتلي .. !

و عن الرحيل يقول :

مفروع يا رحيل غلاي ، زعزاعة خطا فيك صايره .. !

أما أشهر شتاوه طرز بها أحدى أمسيات الكشك فتقول :

حس رحيل أولافي حسه ، تربان تكلم في نصه .. !

لعله كان يستشرف ما سيحدث له من صمت رهيب كان ينتظره في ( بطه ) تلك الليلة الخريفيه ، هذا الرجل الأعجوبه يخلد الآن لصمت طويل منتظرا معجزة آلهيه - تعيده لوعيه ، و تنصبه بين الصفوف التي طالما توسطها منشرحا دعوات أصدقائه و مريديه و عارفيه و محبي فنه الأصيل تتجه كل آن صوب السماء متضرعه لله بشفاءه ، بقدر البهجة التي كان يرشقها بآبياته البريئه – و أنا بالطبع أحد هؤلاء – فقد كان لزاما أن اتحدث عنه لأجله و لأجل محبيه و وفاء لأدبنا الشعبي ، متمثلا فى أحد رواده الأفذاذ .

و في يوم الثلاثاء الموافق 2005/11/22 :

إنتقل الى رحمة الله بعد خمسة سنوات من ذلك الحادث الأليم الذي بقى على إثره في غيبوبة ، فنفقد بذلك أحد عمالقة رواد الشعر و الغناء في بلادنا و ليس بوسعنا إلا أن نقول ( إنا لله و إنا إليه راجعون ) ، و أن ندعو له بالرحمة و المغفره .

و شكراً للصديق الوفي - " صالح بو حزاميه " - إسهامه في جمع الماده الإبداعيه المنثوره .

كتبه لكم " مصطفى السعيطي " .

ملحوظه :
إذا أعجبك المنشور و أردت نسخه و نقله فلك ما شئت و بدون إستئذان ، لكن عليك ذكر المصدر و عدم حذفه و ذلك أكراماً و أحتراماً منك لصاحبه و من باب إنساب الحق لأهله .

#ع_الفاهق
طھط¹ط¯ظٹظ„ ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط©
author-img

Mjed Netfa مجيد نتفه

مرحبًا بكم في مدونتي الإلكترونية، المكان الذي يجمع بين الإلهام والمعرفة والمتعة في رحلة استكشاف مجموعة متنوعة من المواضيع والمجالات. تأخذك مدونتي في رحلة شيقة إلى عالم مليء بالمغامرات، حيث تتشارك تجارب شخصية، وتقدم نصائح مفيدة، وتستعرض أفكاراً ملهمة تضيف قيمة إلى حياتك.
Kommentare
Keine Kommentare
Kommentar veröffentlichen

Kommentar veröffentlichen

NameE-MailNachricht